التاريخ القديم/ مملكة سبأ/ الدور الريداني (الحميري)
من حوالي (115) ق.م حتى (270) م
العرض التاريخي:
ينتمي الريدانيون إلى أصول قتبانية، حيث ينسبون إلى جبل ريدان بالقرب من مدينة تمنع عاصمة قتبان
ويبدو أنهم نزحوا إلى منطقة رعين في قاع الحقل إلى الجنوب الغربي من مدينة يريم في فترة ما من القرن الثاني قبل الميلاد، وفي موقعهم الجديد شيدوا قصر ريدان على جبل مرتفع ليكون مقراً لهم، وحول القصر قامت حاضرتهم ظفار بالقرب من قرية منكث.
لا يوجد حتى الآن أي أدلة أثرية أو نقشية توضح أسباب نزوح الريدانيين من مناطقهم الأصلية، ولكن الموقع الجديد يدل على خبرتهم الواسعة في مجال العمارة المحصنة مستفيدين من الطبيعة الجغرافية للمنطقة التي تتميز بالقيعان الزراعية الخصبة والجبال المرتفعة شديدة الوعورة.
منذ وصولهم صار الريدانيون يتلقبون بلقب (ذو) وهي مرتبة أعلى من القيالة وأقل من الملك، وشملت أذوائيتهم كافة القبائل الحميرية، والتي صارت تدور في فلكهم وبدعم من قبائل حمير ناصب الريدانيون حكام سبأ العداء الذي تطور إلى حروب متتالية كان ملوك سبأ يوجهونها نحو المناطق الحميرية لإخضاعها لسلطتهم، وعلى الرغم من الدمار والتخريب الذي كان يلحق بالمدن والمناطق الحميرية، إلا أنهم كانوا يعيدون بناء الأسوار والحصون من جديد بعد كل هجوم سبئي. وتعد نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي البداية الفعلية للمنافسة الريدانية للأسرة الملكية السبئية الأصلية في مارب، حيث ادعى الملك الريداني ياسر يهصدق في نقوش عهده أنه ملك سبأ وذي ريدان، ويبدو أن وصول نفوذه إلى مدينة (ضاف) في الطرف الشمالي لقاع جهران أسفل نقيل يسلح كان سبباً في اتخاذه للقب الجديد (ملك سبأ وذي ريدان). وتذكر النقوش التي سجلت في عهده، قيام بعض أتباعه بإنشاء عدة حصون في مناطق حميرية مختلفة منها على سبيل المثال تحصين مدينة بينون.
توالى عدة ملوك من الجانب الريداني الحميري بعد الملك ياسر يهصدق، حيث تولى الحكم الملك ذمار علي يهبر الأول وابنه ثأران يهنعم الأول ملكي سبأ وذي ريدان، وكان لهما دور في الصراع بين القوى المتصارعة في النصف الأول من القرن الثاني للميلاد، وخاصة حين قامت قبيلة شداد الموالية لهما بمهاجمة ونهب قصر سلحين القصر الملكي الرسمي للدولة في العاصمة مارب. وبعدهما تعرضت المناطق الحميرية لضغوط شديدة نتيجة للتحالف الثلاثي الذي ضم سبأ وحضرموت والحبشة ضدها، حيث تختفي أسماء الملوك من الجانب الريداني في عهد أسرة يريم أيمن البتعية الهمداني.
وبعد سقوط قتبان في نهاية القرن الثاني الميلادي وتقسيم أراضيها بين مملكة سبأ ومملكة حضرموت، حدث في حوالي 220 ميلادية أن تعرضت العاصمة الريدانية ظفار (منكث) لهجوم واحتلال من قبل القوات الحبشية التي كانت تتواجد في المناطق الجنوبية من اليمن منذ تحالف الملك السبئي علهان نهفان مع الملك جدرت ملك الحبشة، وقد تم إخراج تلك القوات بواسطة قوات من قبيلة جرت. وفي حوالي 230 ميلادية كان يتزعم الريدانيين الملك شمر يهحمد ملك سبأ وذي ريدان، المعاصر للزعيم السبئي إل شرح يحضب وأخيه يأزل بين ملكي سبأ وذي ريدان، وجرت بينهما معارك عديدة، وتم عقد اتفاق مؤاخاة بينهما ثم تم نقضه، وكانت النقوش التي يدونها السبئيون تشير دوماً إلى تحالف شمر ذو ريدان مع الأحباش، وهو ما يمكن أن نسميه بمصطلحات اليوم بالحرب الإعلامية. وتزعم الجانب الريداني بعد شمر يهحمد الملك كرب إل أيفع ملك سبأ وذي ريدان وعاصر أيضاً الملكان إل شرح يحضب وأخوه يأزل بين، وخاض ضدهما حروباً متعددة تشبه كثيراً من حيث الأسباب والنتائج تلك الحروب التي خاضها سلفه. كما خاض حرباً أخرى ضد قوات حضرمية في مناطق كانت تتبع سابقاً مملكة قتبان في منتصف القرن الثالث الميلادي تقريباً.
وعلى الرغم من ادعاء السبئيين تحقيق الانتصارات الكاسحة في معاركهم ضد الريدانيين، إلا أن الواقع يؤكد وجود مبالغات كبيرة في النقوش السبئية، كما أن الأحداث التالية تبين استمرار الملوك من الجانب الريداني حيث ظهر الملك ياسر يهنعم الأول في حوالي 265 للميلاد، وعاصره من الجانب السبئي الملك نشأ كرب يأمن يهرحب ملك سبأ وذي ريدان.
عند ظهور الملك ياسر يهنعم الأول كان الريدانيون يعانون من وضع صعب للغاية، نتيجة للحصار الذي فرضه الأحباش على العاصمة الريدانية ظفار، الأمر الذي جعل أول مواجهة يخوضها الملك ياسر يهنعم ضد الأحباش، حيث استطاع في المرحلة الأولى زحزحة قواتهم من حول العاصمة نحو الجنوب، وفي المرحلة الثانية خاض ضدهم حرباً طاحنة دارت معظم أحداثها في مدينة عدن وحولها، وتمكن الملك الريداني من إخراج القوات الحبشية ومطاردتها في البحر، كل ذلك في حوالي سنة 265 للميلاد.
وبعد أقل من خمس سنوات صار الملك شمر يهرعش ولياً للعهد ومشاركاً لأبيه في الحكم، وتمكن الملكان من حسم حرب الثلاثة قرون بين السبئيين والريدانيين بين عامي 265 - 270 للميلاد سلماً، وذلك بانتقالهما من مدينة ظفار إلى مدينة مارب ومن القصر ريدان إلى القصر سلحين، وقيامهما بتقديم القرابين للإله المقه في معبد أوام. وبذلك تنتهي مرحلة الصراع بتوحيد الكيانين السبئي والريداني في كيان واحد بزعامة الريدانيين.
من حوالي (115) ق.م حتى (270) م
العرض التاريخي:
ينتمي الريدانيون إلى أصول قتبانية، حيث ينسبون إلى جبل ريدان بالقرب من مدينة تمنع عاصمة قتبان
ويبدو أنهم نزحوا إلى منطقة رعين في قاع الحقل إلى الجنوب الغربي من مدينة يريم في فترة ما من القرن الثاني قبل الميلاد، وفي موقعهم الجديد شيدوا قصر ريدان على جبل مرتفع ليكون مقراً لهم، وحول القصر قامت حاضرتهم ظفار بالقرب من قرية منكث.
لا يوجد حتى الآن أي أدلة أثرية أو نقشية توضح أسباب نزوح الريدانيين من مناطقهم الأصلية، ولكن الموقع الجديد يدل على خبرتهم الواسعة في مجال العمارة المحصنة مستفيدين من الطبيعة الجغرافية للمنطقة التي تتميز بالقيعان الزراعية الخصبة والجبال المرتفعة شديدة الوعورة.
منذ وصولهم صار الريدانيون يتلقبون بلقب (ذو) وهي مرتبة أعلى من القيالة وأقل من الملك، وشملت أذوائيتهم كافة القبائل الحميرية، والتي صارت تدور في فلكهم وبدعم من قبائل حمير ناصب الريدانيون حكام سبأ العداء الذي تطور إلى حروب متتالية كان ملوك سبأ يوجهونها نحو المناطق الحميرية لإخضاعها لسلطتهم، وعلى الرغم من الدمار والتخريب الذي كان يلحق بالمدن والمناطق الحميرية، إلا أنهم كانوا يعيدون بناء الأسوار والحصون من جديد بعد كل هجوم سبئي. وتعد نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي البداية الفعلية للمنافسة الريدانية للأسرة الملكية السبئية الأصلية في مارب، حيث ادعى الملك الريداني ياسر يهصدق في نقوش عهده أنه ملك سبأ وذي ريدان، ويبدو أن وصول نفوذه إلى مدينة (ضاف) في الطرف الشمالي لقاع جهران أسفل نقيل يسلح كان سبباً في اتخاذه للقب الجديد (ملك سبأ وذي ريدان). وتذكر النقوش التي سجلت في عهده، قيام بعض أتباعه بإنشاء عدة حصون في مناطق حميرية مختلفة منها على سبيل المثال تحصين مدينة بينون.
توالى عدة ملوك من الجانب الريداني الحميري بعد الملك ياسر يهصدق، حيث تولى الحكم الملك ذمار علي يهبر الأول وابنه ثأران يهنعم الأول ملكي سبأ وذي ريدان، وكان لهما دور في الصراع بين القوى المتصارعة في النصف الأول من القرن الثاني للميلاد، وخاصة حين قامت قبيلة شداد الموالية لهما بمهاجمة ونهب قصر سلحين القصر الملكي الرسمي للدولة في العاصمة مارب. وبعدهما تعرضت المناطق الحميرية لضغوط شديدة نتيجة للتحالف الثلاثي الذي ضم سبأ وحضرموت والحبشة ضدها، حيث تختفي أسماء الملوك من الجانب الريداني في عهد أسرة يريم أيمن البتعية الهمداني.
وبعد سقوط قتبان في نهاية القرن الثاني الميلادي وتقسيم أراضيها بين مملكة سبأ ومملكة حضرموت، حدث في حوالي 220 ميلادية أن تعرضت العاصمة الريدانية ظفار (منكث) لهجوم واحتلال من قبل القوات الحبشية التي كانت تتواجد في المناطق الجنوبية من اليمن منذ تحالف الملك السبئي علهان نهفان مع الملك جدرت ملك الحبشة، وقد تم إخراج تلك القوات بواسطة قوات من قبيلة جرت. وفي حوالي 230 ميلادية كان يتزعم الريدانيين الملك شمر يهحمد ملك سبأ وذي ريدان، المعاصر للزعيم السبئي إل شرح يحضب وأخيه يأزل بين ملكي سبأ وذي ريدان، وجرت بينهما معارك عديدة، وتم عقد اتفاق مؤاخاة بينهما ثم تم نقضه، وكانت النقوش التي يدونها السبئيون تشير دوماً إلى تحالف شمر ذو ريدان مع الأحباش، وهو ما يمكن أن نسميه بمصطلحات اليوم بالحرب الإعلامية. وتزعم الجانب الريداني بعد شمر يهحمد الملك كرب إل أيفع ملك سبأ وذي ريدان وعاصر أيضاً الملكان إل شرح يحضب وأخوه يأزل بين، وخاض ضدهما حروباً متعددة تشبه كثيراً من حيث الأسباب والنتائج تلك الحروب التي خاضها سلفه. كما خاض حرباً أخرى ضد قوات حضرمية في مناطق كانت تتبع سابقاً مملكة قتبان في منتصف القرن الثالث الميلادي تقريباً.
وعلى الرغم من ادعاء السبئيين تحقيق الانتصارات الكاسحة في معاركهم ضد الريدانيين، إلا أن الواقع يؤكد وجود مبالغات كبيرة في النقوش السبئية، كما أن الأحداث التالية تبين استمرار الملوك من الجانب الريداني حيث ظهر الملك ياسر يهنعم الأول في حوالي 265 للميلاد، وعاصره من الجانب السبئي الملك نشأ كرب يأمن يهرحب ملك سبأ وذي ريدان.
عند ظهور الملك ياسر يهنعم الأول كان الريدانيون يعانون من وضع صعب للغاية، نتيجة للحصار الذي فرضه الأحباش على العاصمة الريدانية ظفار، الأمر الذي جعل أول مواجهة يخوضها الملك ياسر يهنعم ضد الأحباش، حيث استطاع في المرحلة الأولى زحزحة قواتهم من حول العاصمة نحو الجنوب، وفي المرحلة الثانية خاض ضدهم حرباً طاحنة دارت معظم أحداثها في مدينة عدن وحولها، وتمكن الملك الريداني من إخراج القوات الحبشية ومطاردتها في البحر، كل ذلك في حوالي سنة 265 للميلاد.
وبعد أقل من خمس سنوات صار الملك شمر يهرعش ولياً للعهد ومشاركاً لأبيه في الحكم، وتمكن الملكان من حسم حرب الثلاثة قرون بين السبئيين والريدانيين بين عامي 265 - 270 للميلاد سلماً، وذلك بانتقالهما من مدينة ظفار إلى مدينة مارب ومن القصر ريدان إلى القصر سلحين، وقيامهما بتقديم القرابين للإله المقه في معبد أوام. وبذلك تنتهي مرحلة الصراع بتوحيد الكيانين السبئي والريداني في كيان واحد بزعامة الريدانيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق