قــــريـــة حــاز هــمــدان
تقع " حاز " في شمال غرب العاصمة صنعاء وتبعد عنها بحوالي ( 45 كيلومتراً ) تقريباً ، وفيها خرائب لمستوطنة يعود تاريخها إلى عصور ما قبل الإسلام ، وهي قرية - الآن - مليئة بالخرائب والأطلال والنقوش اليمنية القديمة ، ويبدو من بقايا خرائبها أنها كانت محاطة بسور لم يبق منه سوى الأساسات ، أشهر معالمها ذلك المبنى الضخم الذي يطلق عليه الأهالي مصطلح ( القصر ) ، فقد ذكر " الهمداني " عن حاز في كتابه " صفة جزيرة العرب " ، ( وحاز قرية عظيمة وبها آثار جاهليـة ) ، ولكنه لم يذكر شيئاً عن قصرها ، واسمه .. وقصر حاز هو أحد معابد الإله ( تألب ريام ) ، وكان اسمه ، كما جاء في النقوش ( ش ص ر م ) ، ويعني وجود معبد للإله ( تألب ريام ) في حاز أن مدينة حاز كانت الحدود الجنوبية الغربية لاتحاد قبيلة " سمعي " ، وتعتبر " شبام كـوكبان " التي تقع إلى جوارها تابعة لقبيلة أو مقولة " شبام أقيان " .
وتنتشر الآن في جدران منازل قرية حاز الحالية الكثير من النقوش الحجرية ، والتي نزعت من جدران معبد ( تألب ريام ) الذي لازالت أجزاء كثيرة منه قائمة إلى الآن .
ج- الرحبـة :
" الرحبة " هو اسم المدينة القديمة التي كانت تقع شمال مدينة صنعاء القديمة إلى جانب مدينة " شعوب " ، وقد ظهرتا تلكما المدينتان في وقت واحد ، ولكن " الهمداني " أطلق تسمية الرحبة على القاع ، وهو نفسه القاع الذي في شمال مدينة صنعاء القديمة ، حيث ذكر عدداً من قراه " الجراف وذهبان ، وعشر وعلمان " ، وقد أقيمت مدينة صنعاء في بقعة تكاد أن تكون مأذنية صرفة ـ تتبع قبيلة مأذن ـ إلى جوار مدينة شعوب حاضرة قبيلة " مأذن " وعلى مشارف الرحبة التي اقترن اسمها بعد ذلك بمدينة صنعاء في النقوش ، وارتبط مصيرها بها ثم انتهت بأن نسبت إليها فقيل ( رحبة صنعاء ) .
لقد بدأ ظهور مدينة الرحبة القديمة عقب استيطان السبئيين فيها ذلك الاستيطان الذي اتبعه السبئيون في مناطق مختلفة من نجد اليمن والجوف في أراضٍ كانت تابعة لقبائل أخرى ، بعضها قد اتخذ شكل المملكة ، وقد بدأ انتقال الاستيطان يظهر منذ ( القرن السابع قبل الميلاد ) ، حيث كان يتم عقب الاستيلاء على المدن طرد أهلها منها أو أن يدخلوا على تركيبتها السكانية تعديلات تجعلهم قادرين على تحقيق الهدف الذي يسعون إليه ، وهو توسيع رقعة دولتهم وتثبيت أركانها وتأمين حدودها لفرض الهيمنة السبئية في مناطق نجد اليمن وفي مقدمتها الرحبة ، والرحبة واحدة من ( خولان ) ، وقد ذكرها النقش الموسوم بـ ( res . 3951 ) ، وهو مما يدل بأن الرحبة قد كانت قائمة قبل ( القرن الأول الميلادي ) وبالذات في فترة مكربي سبأ ، وقد نعمت الرحبة بالاستقرار في ظل ما يمكن تسميته بالسلام السبئي – كما رآه الدكتور " بافقيه " – طيلة الفترة العتيقة ، وهي فترة الازدهار الاقتصادي الذائع الصيت ، وكانت الشعوب في قاع الرحبة مقسمة إلى مقولات تتمتع بالاستقلال الداخلي ضمن صيغة اتحادية يجمعها الولاء لملوك سبأ ولكن في فترة الحروب الدامية في ( القرون الثلاثة الميلادية الأولى ) ، أصبحت الرحبة وصنعاء هما الخطوط الدفاعية الأولى لمملكة سبأ ، خاصة بعد استيلاء الحميريين ـ الريدانيين ـ على قاع جهـران ، وهكذا على مدار ( القرنين الثاني والثالث ) تردد اسم صنعاء والرحبة في النقوش مقترنين في كثير من الأحوال ، خاصة في ( القرن الثالث الميلادي ) ، حيث كان الملكان السبئيان " إل شرح يحضب " وأخيه " يأزل " بين ملكي سبأ وذي ريدان يترددان كثيراً على الرحبة وصنعاء .
وهكذا انتهت بعد ذلك مدينة الرحبة بأن اندرجت ضمن مدينة صنعاء ليصبح بعد ذلك اسم الرحبة في ( القرن الثالث الهجري ـ التاسع الميلاد ) اسما للقاع الفسيح الذي يقع شمال صنعاء كما جاء عند " الهمداني " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق