اليمن - صنعاء المدينة المجهولة ل 99 % من الناس................. Old sana'a - yemen unknown city for 99% of people

الخميس، 6 سبتمبر 2012


تعد الأسوار من أساسيات تحصين المدن لجملة من الأسباب , منها ما يتعلق بإكساب المدينة مظهراً جمالياً خارجياً ومنها ما يتصل بالوقوف في وجه متغيرات العوامل الطبيعية كالكوارث من فيضانات وسيول وعواصف، وكذلك حماية المدن عند تعرضها للغزو والعدوان حيث تعد الأسوار حائطاً دفاعياً صلداً للوقوف بثبات في وجه المعتدين وتعزيز الصمود والمقاومة، ولصنعاء المدينة التاريخية سور منيع يحيط بها من جميع الجهات الأربع وبدايات هذا السور موغلة في القدم حيث يتبين أن أول من أقام السور هو الملك السبئي " شعرم أوتر" الذي حكم خلال ( الربع الأخير من القرن الثاني الميلادي إلى الربع الأول من القرن الثالث الميلادي ) حيث أورد مؤرخ اليمن " الهمداني " في موسوعته كتاب " الإكليل " بأنه هو أول من أحاط صنعاء بحائط، ويؤيد صحة ذلك العثور على نقش خاص بالملك " شعرم أوتر " ذكر فيه تسوير مدينة صنعاء كالتالي ( جنأ / صنعاء ) وكلمة " جنأ " تعني في النقوش القديمة المسندية (سور)، وللسور القديم أربعة أبواب رئيسية هي على النحو التالي :
-1- باب اليمن : وهو باب ينفذ إلى الجهة الجنوبية ـ وما كان جنوباً يسمى يمناً عند الأقدمين لوقوعه على يمين الكعبة المشرفة ـ، وقد عُرف باب اليمن بأسماء أخرى لم تكتسب شهرة التسمية الأصلية مثل ( باب عدن )، ( باب غمدان )، ( باب الحرية ) والأخير عقب قيام الثورة اليمنية، ويعد باب اليمن أجمل أبواب المدينة صنعاً، وأكثرها عرضاً وترتيباً، وهو الباب الوحيد المتبقي بصورة سليمة لم يتعرض للهدم والتخريب كبقية الأبواب الأخرى .
-2- باب شعوب : وهو باب ينفذ إلى حي شعوب في الجهة الشمالية .
-3- باب ستران : وهو باب يؤدي وينفذ إلى الجهة الشرقية باتجاه القلعة وجبل نقم وعُرف باسم آخر هو ( باب القصر ) .
-4- باب السبحة : وهو باب ينفذ إلى الجهة الغربية باتجاه الحقل وحي بئر العزب، أما الأبواب الأخرى غير الرئيسية فهي :-
* باب خزيمة : - وهو باب باتجاه الجنوب يؤدي إلى مقبرة خزيمة .
* باب الشقاديف : - وهو باب باتجاه الشمال ويعُرف باسم ( باب الحديد ) ويتبع هذا الباب السور الخاص بحي بئر العزب .
* باب البلقة :- وهو باب باتجاه الجنوب وهو أصلاً جزء من السور الخاص بمنطقة قاع اليهود .
* باب الروم :- وهو باب باتجاه الشمال الغربي يتبع السور الخاص بحي بئر العزب .
* باب القاع :- وهو الباب الآخر للسور الخاص بمنطقة قاع اليهود .
والأبواب السالفة الذكر هي أبواب لأسوار خاصة بحي بئر العزب وقاع اليهود اللذين أنشآ نتيجة للتوسع خارج إطار مدينة صنعاء القديمة المسورة وذلك خلال عهد الأيوبيين ومن بعدهم العثمانيين ـ الأتراك ـ، ونظراً لسماكة ومناعة جدار السور القديم فقد كان سطح السور يتسع لتمشي فيه ثمانية خيول مجتمعة، وذلك وفقاً لمشاهدة الرحالة الإيطالي " الوم كوستا " في ( القرن 9هـ/15م )، كما توجد ممرات في وسط السور يمكن لفارسين أن يمشيا مجتمعين معاً أثناء التجوال والحراسة، كما استعمل الممر نفسه لمرور عربات المدافع القديمة في حالات الدفاع عن المدينة لحمايتها من العدوان .
المراحل التاريخية للسور :- يمكن أن نؤرخ للسور وفقاً للمراحل المختلفة التي مر بها بنائه وذلك لما تقتضيه احتياجات التوسع وازدهار النشاط الاقتصادي والزيادات السكانية، كذلك أعمال الترميم والإصلاحات التي تمت كنتيجة للأضرار التي لحقت بالسور بسبب التقادم والعوامل الطبيعية والمناخية , أوبسبب التدمير والعبث الذي يقوم به الإنسان لعوامل عدة , منها ما يتصل بالجهل والتخلف مما يجعل البعض يقوم بتخريب أجزاء من السور , أو البناء في موقع السور، ومنها ما يتصل بأعمال الحروب والغارات على المدينة وسورها إبان فترات الصراع السياسي الطويل الأمد للسيطرة على مدينة صنعاء , نظراً لأهميتها من حيث موقعها ودورها التاريخي، ويمكن ذكر مراحل بناء السور القديم والإضافات التي تمت، وأعمال الصيانة والترميم وفقاً لما تورده المصادر والمراجع التاريخية ومن المؤكد أن هنالك أعمال بناء لأجزاء من السور أو ترميمات لم يرد ذكرها وذلك كما يلي :
-       السور القديم بأبوابه الأربعة المعروفة والسالف ذكرها وقد بناه وفقاً لما ورد سابقاً الملك السبئي " شعرم أوتر " في أواخر ( القرن الثاني الميلادي )، بداية ( القرن الثالث الميلادي ) .
-       المراجع التاريخية تشير إلى أن أول من قام بترميم سور صنعاء القديم وإعادة بناء أجزاء منه بالحجر والجص هو الملك " علي بن محمد الصليحي "، وفتح فيه ( سبعة أبواب ) وكان ذلك في ( القرن 6هـ / 12م ) .
-       في عهد الدولة الأيوبية :- عند معرفة وسماع السلطان " علي بن حاتم الهمداني "ـ أحد حكام دولة بني حاتم ـ بقدوم " توران شاه الأيوبي " إلى صنعاء في سنة ( 570 هـ/1174م ) قام بهدم السور وتكسير خنادقه، وفقاً لرواية المؤرخ " الحسن بن علي الخزرجي " التي أوردها فـي كتابه ( العسجد المسبوك لمن ولي اليمن من الملوك )، وذلك بهدف جعل الأيوبيين مكشوفين عند دخولهم المدينة مما يمكن بني " حاتم " من شن غارات سريعة وخاطفة بما يشبه حرب العصابات وقد قام السلطان " طغتكين الأيوبي " بإعادة بناء السور في أواخر ( القرن 6هـ / 12م )، كما تم التوسع في العصر الأيوبي حيث امتدت باتجاه الغرب فيما عُرف ببستان السلطان فقد قام السلطان " طغتكين الأيوبي " بتسوير الجزء المستحدث ووصله بسور المدينة القديمـة، بحيث أصبحت السائلة محصورة بين السورين، ويبلغ عرض السائلة حوالي ( 30 متراً ) وقد تم توصيل جزئي المدينة بواسطة جسور فوق السائلة, وذلك لتسني مرور الناس وأمتعتهم خاصة في الفترات التي تكون السائلة مليئة بمياه الأمطار .
-       في عهد العثمانيين: تم استحداث حي بئر العزب وتسويره، كما قاموا بعمل سور يضم منطقتي " بئر العزب " و " قاع اليهود " ـ عندما دخل حي القاع ضمن منطقة بئر العزب وكان هذا السور مبنياً من الطين والحجارة وفتحت فية العديد من الأبواب، وفي حوالي عام ( 1036 هـ/1626م ) قام الوالي العثماني " محمد باشـا " بترميم سور مدينة صنعاء القديمة وإعادته على ما كان عليه، كما قام العثمانيون بترميم باب البلقة وإعادة بناؤه ما بين ( 1871 – 1879 ميلادية ) وفي الفترة ما بين ( 1875 – 1880 ميلادية ) قاموا كذلك بترميم باب اليمن .
ويبلغ طول السور ( السور القديم + سور حي بئر العزب ) حوالي ( 5 أميال ) وفقاً لتقديرات أوردها المؤرخ " محمد بن أحمد الحجري " في كتابه مجموع بلدان اليمن وقبائلها، وقد بُني السور بكتل من الطين والحصى والتي تُعرف محلياً ـ بالزابور ـ وللسور أبراج مدورة يبلغ عددها حوالي ( 128 برجاً )، يبعد كل برج عن الآخر مسافة قدرها ( 50 متراً ) .
وصف الوضع الحالي :
نتيجة لأعمال التخريب والتدمير وتحت مبرر متطلبات التطوير والتنمية الحديثة المعاصرة تم تدمير أجزاء من سور مدينة صنعاء القديمة وأبوابه تحت مبررات عديدة منها بهدف دخول السيارات إلى مدينة صنعاء القديمة - ولم يبق بحالة جيدة إلا الجزء الممتد من حي السائلة بجانب الخندق الجنوبي بالقرب من باب اليمن، وكذلك جزء آخر في الجهة الشمالية أمام حارة الحرقان، وقد تم ترميم بعض الأجزاء المتبقية من السور المحيط بصنعاء القديمة.
مقترح التطوير :
-       إيلاء عناية خاصة بسور المدينة والحفاظ عليه، وإجراء الصيانة المستمرة له، ومنع كل صور الاعتداء أو التغير فيه، وتطبيق القوانين الجزائية ضد كل أعمال الهدم أو الاستيلاء على السور، وإزالة كل أثر لتلك الاعتداءات أو التشويهات، والعمل على.
-       وضع لوحات عامة على مسافات متباعدة تحتوي على بيانات تاريخية عن الأسوار القديمة والأحداث السياسية التي هدمت خلالها الأسوار القديمة ومن أعاد بناءها خلال مختلف المراحل التاريخية.
-       لا بد من تدريب أدلاء سياحيين يقدمون المعلومات الصحيحة والمفيدة للسياح الزائرين عن التاريخ اليمني لمدينة صنعاء القديمة بما تضمنه من منهج سياحي تاريخي أثري معماري.
الاستغلال السياحي :
حالياً يتم استغلال السور سياحياً من خلال زيارات السياح وتجوالهم حول السور ؛ لذلك لا بد من استحداث عدد من الاستراحات المتباعدة لتناول المرطبات تتوفر فيها مراكز معلومات تكون بتصاميم بنائية بسيطة مستلهمة من الحقب التاريخية المختلفة لمدينة صنعاء، وذلك بهدف إطالة فترة بقاء السياح أكثر فترة ممكنة.

ليست هناك تعليقات:

اراشيف