صنعاء وعمارة الماضي
أصبحت مدينة صنعاء كعبة الأثريين والمعماريين والسياح، يحاولون التمتع بخصائصها المعمارية، ويتعمقون في البحث عن ميزاتها وعناصرها الفنية، ولقد اهتمت بها دول العالم والمؤسسات الثقافية العالمية بعد النداء الذي وجهته المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، فقُدمت المعونات المادية والفنية، وتشكلت في صنعاء هيئة مؤلفة من مجلس أمناء برئاسة مجلس الوزراء، ومكتب فني تنفيذي، وبوشرت أعمال الحماية والحفاظ علي مدينة صنعاء القديمة، وتحققت حتي الآن إنجازات واضحة.
1ـ إن صنعاء التي كانت مجهولة تقريبًا لصعوبة اختراق حدود اليمن سابقًا، أصبحت اليوم أكثر وضوحًا، ولجمال عمارتها وخصائصها الفنية أصبحت مسئولية حمايتها عالمية.
ترتفع صنعاء عن سطح البحر 2300م وهي مدينة جبلية، ولذلك فإن أبنيتها مرتفعة تصل إلي حدود تسعة طوابق، وهي تختلف عن المدن اليمنية الساحلية التي لا ترتفع أكثر من طابقين.
وتقع صنعاء القديمة في السفح الغربي لجبل "نُقُمْ"، وكانت المدينة محاطة بسور مازالت آثاره واضحة، ومازالت بعض أبراجه ماثلة وتجري عمليات ترميمه حثيثًا اليوم.
تبلغ مساحة صنعاء القديمة مائة وخمسين هكتارًا، وتتصل بالخارج بواسطة أبواب ستة، ثلاثة في الجنوب، وهي باب ستران وباب اليمن وباب خزيمة، وبابان شماليان هما باب شعوب وباب شقاديف وباب غربي، هو باب السبحة، ومازال من هذه الأبواب، باب اليمن الذي أعاد بناءه العثمانيون عام 1897م.
وكانت صنعاء مقسمة إلي أحياء حسب التوزيع القبلي، ولقد وصف الرازي في كتابه (تاريخ صنعاء) هذه الأحياء التي حفظت أسماءها المساجد الواقعة فيها اليوم.
وكما وصف المدينة في القرن الحادي عشر الميلادي وعدد مساجدها وبيوتها وسمسراتها (الفنادق) ولعله بالغ في تعدادها، ومازالت بعض معالمها القديمة ماثلة من أهمها الجامع الكبير، أما البيوت وباقي المنشآت فإنها تعود إلي عهود متأخرة.
إن مدينة صنعاء كباقي المدن الجبلية اليمنية مثل شبام ووادي حضرموت مؤلفة من نسيج عمراني متلاحم لا تفصله إلا حارات ودروب ضيقة، وترتفع البيوت إلي ما يقرب من ثلاثين مترًا أحيانًا، فهي أبنية سامقة كالأبراج البابلية، مؤلفة من خمسة طوابق وتصل إلي تسعة طوابق في بعض الأبنية. وتفتح واجهات هذه الأبنية علي الحارات والدروب، أو علي البساتين التي تسمي "المقشامة" أو المقاسم والتي تتوزع في أنحاء المدينة القديمة، مشكلة رئة ومشهدًا جميلاً وموردًا لحاجات السكان من الخضار والفواكه.
ويبلغ عدد المساكن العالية في صنعاء القديمة اليوم سبعة آلاف مسكن، وأقدم مسكن فيها يعود إلي 400 سنة خلت، وكثير منها يعود إلي 350 ـ 250 سنة وبعضها حديثة يعود إلي 150 ـ 50 سنة.
ويبلغ عدد سكان صنعاء القديمة في عام 1989 ثمانية وأربعين ألفًا، وهم بازدياد مطّرد. وفي صنعاء تسعة وأربعون مسجدًا، وسبعة عشر حمامًا في قسميها الشرقي والغربي.
إن منشآت صنعاء القديمة مبنية من الحجر في أقسامها السفلي، ثم من الياجور "وهو ألواح الطين المشوي" في أقسامها العليا، وذلك للتخفيف من الحمولات. وهي تنفتح علي الخارج بواسطة شبابيك ومشربيات ونوافذ عريضة، وتشكل واجهاتها الأربع مجالاً للزخرفة المعمارية المؤلفة من أشكال الفتحات ومن الزخارف الأفقية "الأحزمة" التي تفصل ما بين الطوابق، أو الزخارف الشاقولية التي تحيط الفتحات أو تزين بعض الجدران. وتستمد الزخارف صيغها من العناصر الطبيعية، وخاصة من النباتات ولكنها تبتعد جدّا عن المحاكاة الواقعية وتقترب من الرمز والتجريد.
إن مباني صنعاء العالية والمؤلفة من طوابق متعددة، تشكل بمجموعها بيتًا واحدًا وليس بيوتًا مستقلة، علي الرغم من أن لكل طابق منافعه المستقلة وبابه الخاص، يسمي "باب الحاجز" ويستعمل الدور الأرضي كمخازن للحبوب والحطب، وكحظائر للماشية ومستودعًا لعلفها. وفي بعض أركانه حجرة للمطاحن وسقائف تسمي "الطابق المسروق". وفي بعض البيوت حجرات فوق الطابق الأول، تسمي "المحاكم" إذا كان صاحب البيت قاضيًا أو تخصص لنزول الضيوف والشركاء.
ويسمي الطابق الأول "الحافة السفلي" وهو مؤلف من حجرات واسعة تسمي "الدواوين". والطابق الثاني خاص بالمعيشة مخصص للنساء والأكل والنوم والسهرات العائلية، ويسمي "الحافة الوسطي"، وهو مؤلف من حجرات موزعة علي أطراف البناء الأربعة تسمي "المناظر". وتسمي بحسب الجهات التي تشرف عليها، المنظر العدني في الجنوب، والمنظر القبلي في الشمال، ثم المنظر الشرقي والمنظر الغربي.
أما الأدوار العليا، فينفرد بها الرجال وبخاصة الحجرة المبنية في أعلي البيت وتسمي الواحدة منها "مفرج"، وهي غرفة مستطيلة ذات نوافذ واسعة منخفضة تفسح المجال لرؤية البساتين والمشاهد الجميلة، ويجلس السمّار في المفارج علي أرائك بعد الظهيرة، فيدخنون النرجيلة، ويمضغون القات، ويستمعون إلي بعض العزف الموسيقي والغناء، أو ينشدون الشعر ويتحدثون في التاريخ والأدب.
وترتفع المفارج عن مستوي الطابق الأخير بغرفة قليلة الارتفاع تحيطها فسحة مسورة بحاجز وتسمي "التجواب". وتقوم المفارج فوق "قطب" البناء وهو نواة السلم الصاعد لولبيا إلي الأعلي مرورًا بالطوابق جميعها.
وفي كل بيت بئر تغذي أصحاب البيت بالماء اللازم للغسل والتنظيف.
وتمتاز صنعاء بأسواقها التي تقع إلي جهة الغرب. ولكل حرفة أو تجارة سوق، مثل سوق البقر وسوق البزّ وسوق الحب، وسوق الحرير، وسوق الحلقة وسوق الزبيب وسوق العلف وسوق العنب وسوق الفتلة، وسوق الفضة وسوق القشر وسوق القصب وسوق الكوافي وسوق المبساطة وسوق المخياطة وسوق الملح وسوق النحاس. وحاليّا في صنعاء القديمة ألف وسبعمائة دكان وثلاثون سمسرة. والدكان حجرة صغيرة مربعة مرتفعة عن مستوي الطريق العام.
والسمسرات (جمع سمسرة) هي فنادق للمسافرين والتجار وقوافلهم، وتقع في أطراف السوق، هي أبنية مغطاة بعقود مؤلفة من طابقين أو ثلاثة في كل طابق عدد من الغرف التي تنفتح علي فناء السمسرة المغطي في الأعلي، والطابق الأرضي مع أرض الفناء مخصص للقوافل والبضائع والدواب، أما الطوابق العليا فهي لإقامة المسافرين.
أصبحت مدينة صنعاء كعبة الأثريين والمعماريين والسياح، يحاولون التمتع بخصائصها المعمارية، ويتعمقون في البحث عن ميزاتها وعناصرها الفنية، ولقد اهتمت بها دول العالم والمؤسسات الثقافية العالمية بعد النداء الذي وجهته المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، فقُدمت المعونات المادية والفنية، وتشكلت في صنعاء هيئة مؤلفة من مجلس أمناء برئاسة مجلس الوزراء، ومكتب فني تنفيذي، وبوشرت أعمال الحماية والحفاظ علي مدينة صنعاء القديمة، وتحققت حتي الآن إنجازات واضحة.
1ـ إن صنعاء التي كانت مجهولة تقريبًا لصعوبة اختراق حدود اليمن سابقًا، أصبحت اليوم أكثر وضوحًا، ولجمال عمارتها وخصائصها الفنية أصبحت مسئولية حمايتها عالمية.
ترتفع صنعاء عن سطح البحر 2300م وهي مدينة جبلية، ولذلك فإن أبنيتها مرتفعة تصل إلي حدود تسعة طوابق، وهي تختلف عن المدن اليمنية الساحلية التي لا ترتفع أكثر من طابقين.
وتقع صنعاء القديمة في السفح الغربي لجبل "نُقُمْ"، وكانت المدينة محاطة بسور مازالت آثاره واضحة، ومازالت بعض أبراجه ماثلة وتجري عمليات ترميمه حثيثًا اليوم.
تبلغ مساحة صنعاء القديمة مائة وخمسين هكتارًا، وتتصل بالخارج بواسطة أبواب ستة، ثلاثة في الجنوب، وهي باب ستران وباب اليمن وباب خزيمة، وبابان شماليان هما باب شعوب وباب شقاديف وباب غربي، هو باب السبحة، ومازال من هذه الأبواب، باب اليمن الذي أعاد بناءه العثمانيون عام 1897م.
وكانت صنعاء مقسمة إلي أحياء حسب التوزيع القبلي، ولقد وصف الرازي في كتابه (تاريخ صنعاء) هذه الأحياء التي حفظت أسماءها المساجد الواقعة فيها اليوم.
وكما وصف المدينة في القرن الحادي عشر الميلادي وعدد مساجدها وبيوتها وسمسراتها (الفنادق) ولعله بالغ في تعدادها، ومازالت بعض معالمها القديمة ماثلة من أهمها الجامع الكبير، أما البيوت وباقي المنشآت فإنها تعود إلي عهود متأخرة.
إن مدينة صنعاء كباقي المدن الجبلية اليمنية مثل شبام ووادي حضرموت مؤلفة من نسيج عمراني متلاحم لا تفصله إلا حارات ودروب ضيقة، وترتفع البيوت إلي ما يقرب من ثلاثين مترًا أحيانًا، فهي أبنية سامقة كالأبراج البابلية، مؤلفة من خمسة طوابق وتصل إلي تسعة طوابق في بعض الأبنية. وتفتح واجهات هذه الأبنية علي الحارات والدروب، أو علي البساتين التي تسمي "المقشامة" أو المقاسم والتي تتوزع في أنحاء المدينة القديمة، مشكلة رئة ومشهدًا جميلاً وموردًا لحاجات السكان من الخضار والفواكه.
ويبلغ عدد المساكن العالية في صنعاء القديمة اليوم سبعة آلاف مسكن، وأقدم مسكن فيها يعود إلي 400 سنة خلت، وكثير منها يعود إلي 350 ـ 250 سنة وبعضها حديثة يعود إلي 150 ـ 50 سنة.
ويبلغ عدد سكان صنعاء القديمة في عام 1989 ثمانية وأربعين ألفًا، وهم بازدياد مطّرد. وفي صنعاء تسعة وأربعون مسجدًا، وسبعة عشر حمامًا في قسميها الشرقي والغربي.
إن منشآت صنعاء القديمة مبنية من الحجر في أقسامها السفلي، ثم من الياجور "وهو ألواح الطين المشوي" في أقسامها العليا، وذلك للتخفيف من الحمولات. وهي تنفتح علي الخارج بواسطة شبابيك ومشربيات ونوافذ عريضة، وتشكل واجهاتها الأربع مجالاً للزخرفة المعمارية المؤلفة من أشكال الفتحات ومن الزخارف الأفقية "الأحزمة" التي تفصل ما بين الطوابق، أو الزخارف الشاقولية التي تحيط الفتحات أو تزين بعض الجدران. وتستمد الزخارف صيغها من العناصر الطبيعية، وخاصة من النباتات ولكنها تبتعد جدّا عن المحاكاة الواقعية وتقترب من الرمز والتجريد.
إن مباني صنعاء العالية والمؤلفة من طوابق متعددة، تشكل بمجموعها بيتًا واحدًا وليس بيوتًا مستقلة، علي الرغم من أن لكل طابق منافعه المستقلة وبابه الخاص، يسمي "باب الحاجز" ويستعمل الدور الأرضي كمخازن للحبوب والحطب، وكحظائر للماشية ومستودعًا لعلفها. وفي بعض أركانه حجرة للمطاحن وسقائف تسمي "الطابق المسروق". وفي بعض البيوت حجرات فوق الطابق الأول، تسمي "المحاكم" إذا كان صاحب البيت قاضيًا أو تخصص لنزول الضيوف والشركاء.
ويسمي الطابق الأول "الحافة السفلي" وهو مؤلف من حجرات واسعة تسمي "الدواوين". والطابق الثاني خاص بالمعيشة مخصص للنساء والأكل والنوم والسهرات العائلية، ويسمي "الحافة الوسطي"، وهو مؤلف من حجرات موزعة علي أطراف البناء الأربعة تسمي "المناظر". وتسمي بحسب الجهات التي تشرف عليها، المنظر العدني في الجنوب، والمنظر القبلي في الشمال، ثم المنظر الشرقي والمنظر الغربي.
أما الأدوار العليا، فينفرد بها الرجال وبخاصة الحجرة المبنية في أعلي البيت وتسمي الواحدة منها "مفرج"، وهي غرفة مستطيلة ذات نوافذ واسعة منخفضة تفسح المجال لرؤية البساتين والمشاهد الجميلة، ويجلس السمّار في المفارج علي أرائك بعد الظهيرة، فيدخنون النرجيلة، ويمضغون القات، ويستمعون إلي بعض العزف الموسيقي والغناء، أو ينشدون الشعر ويتحدثون في التاريخ والأدب.
وترتفع المفارج عن مستوي الطابق الأخير بغرفة قليلة الارتفاع تحيطها فسحة مسورة بحاجز وتسمي "التجواب". وتقوم المفارج فوق "قطب" البناء وهو نواة السلم الصاعد لولبيا إلي الأعلي مرورًا بالطوابق جميعها.
وفي كل بيت بئر تغذي أصحاب البيت بالماء اللازم للغسل والتنظيف.
وتمتاز صنعاء بأسواقها التي تقع إلي جهة الغرب. ولكل حرفة أو تجارة سوق، مثل سوق البقر وسوق البزّ وسوق الحب، وسوق الحرير، وسوق الحلقة وسوق الزبيب وسوق العلف وسوق العنب وسوق الفتلة، وسوق الفضة وسوق القشر وسوق القصب وسوق الكوافي وسوق المبساطة وسوق المخياطة وسوق الملح وسوق النحاس. وحاليّا في صنعاء القديمة ألف وسبعمائة دكان وثلاثون سمسرة. والدكان حجرة صغيرة مربعة مرتفعة عن مستوي الطريق العام.
والسمسرات (جمع سمسرة) هي فنادق للمسافرين والتجار وقوافلهم، وتقع في أطراف السوق، هي أبنية مغطاة بعقود مؤلفة من طابقين أو ثلاثة في كل طابق عدد من الغرف التي تنفتح علي فناء السمسرة المغطي في الأعلي، والطابق الأرضي مع أرض الفناء مخصص للقوافل والبضائع والدواب، أما الطوابق العليا فهي لإقامة المسافرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق