يسكن في صنعاء القديمة ويعيش في مكان صغير لا يتعدى العشرة أمتار فيعتبر بالنسبة له السكن ومكان العمل
والذي يقضي فيه حياته كاملة فهو يعمل بشكل متواصل دون أن يتعب أو يمل .
تجده يدور مغمض العينين حول صخرة كبيرة منحوته جذورها تمتد إلى أسفل الأرض يصل عمرها إلى مئات السنين تعمل على إنتاج الزيت الطبيعي الذي يعتبر علاج في الدرجة الأولى لكثير من الناس في اليمن كما يأتون لشرائه والطلب عليه من الدول الأخرى .. "عطية" هو اسم جمل معصرة الحزيزي في باب اليمن بصنعاء القديمة
في أسواق صنعاء القديمة شملت عدة أسواق وصولا إلى معاصر الزيوت "السليط" زيت السمسم والخردل منها معصرة الحزيزي بجملها المسمى " عطية " ليكون منها هذا الاستطلاع :
نبيل عبدا لله صاحب المكان الذي يعيش فيه عطية والذي يقوم بالاهتمام به ورعايته حدثنا عن المعصرة :
هذه المعصرة عمرها أكثر من 150 سنه توارثناها من الأجداد وتعتبر مصدر رزقنا الوحيد أنا وأولاد عمي اعمل فيها شهر وأولاد عمي شهر
في هذه المعصرة نقوم ببيع الزيوت الطبيعية كزيت الترتر والسمسم والتي يصل إنتاجها للزيت إلى 5 لتر في اليوم الواحد ويقبل الناس عليه حيث يستخدم لعلاج أمراض كثيرة مثل الروماتيزم والحمى والأعصاب والحكة ونزلات البرد كما يستخدم زيت السمسم للشعر والجسم وأحيانا للطعام فهو مفيد والإقبال عليه كبير جداً.
ويقول نبيل إن الدخل الذي يأتيه منها خلال الشهر يتراوح بين 300 -400 ألف ريال نظرا لإقبال اليمنيين الكبير على زيت السمسم والخردل الطبيعيين :(علمنا جدي انه لا يمكن أن نستغني عن معصرتنا هذه كما فعل بعض الناس في سوق صنعاء وارفض التفكير في بيعها مهما كانت العروض مغرية )
حبوب الخردل والسمسم
ويتابع نبيل : المعاصر في زمن أبي وجدي كانت تصل إلى 200 معصرة ولكنها ألان لا تتعدى الخمس معاصر في صنعاء بسبب أنها بحاجة إلى جهد كبير ولكن أبي لا يرضى بان يبيعها مهما كان الثمن حتى أنها تعطينا ألان أكثر من80 مليون ريال.
ويقول إن السياح عندما يشاهدون المعصرة يندهشون كثيراً لما يرونه ويسألون عن عمرالمعصرة و عمل الجمل ويأخذون صوراً كثيرة للجمل والمعصرة ويشترون الزيوت ويأخذونها إلى بلدانهم .
أما طريقة عصر الزيوت فنقوم بوضع حبوب الخردل والسمسم والتي نأتي بها من مزارع ألحديده وبني مطر وخولان ومناطق يمنية أخرى في حوض المعصرة ليقوم عطية بالدوران حولها طوال اليوم لطحن هذه الحبوب وعصرها لتأتينا بالزيوت الطبيعية يدور وهو مغطى العينين لكي لا يعرف انه يدور في نفس المكان فهو يظن بأنه يمشي في صحراء, أضافه إلى أن غطاء العينين لا يلهيه عن العمل لأنه لا يستطيع أن يتطلع إلى ما حوله .
بخور شعر الجمل لآلام الرأس والمفاصل
وعن الجمل يقول نبيل نأتي بالجمال من المناطق الصحراوية والقرى حيث تصل أسعارها من 80 إلى 120 ألف ريال ويبقى الجمل في المعصرة أكثر من 20 عاماً , كما انه يعمر من 35-40 سنة والجمل يدور حول هذه المعصرة من الصباح إلى المساء وهو قوي جداً ولا يتوقف إلا لتناول الطعام بين ساعة وأخرى المكون من علف بلدي وقضب, أما ليلاًََ فيعمل فقط ثلاثة ساعات ليرتاح بقية الوقت ويستعد للعمل لليوم الذي يليه كما أن " عطيه " لا ينام إلا دقائق معدودة في اليوم كذلك نعطيه الماء كل ساعة أو ساعتين خاصة عندما نريد أن نحتفظ ببوله وذلك لكثرة الطلب عليه .
ويوضح نبيل قائلاً: يبول الجمل بقدر الماء الذي يشربه ونقوم ببيع البول للنساء لاعتقادهن بأنه مفيد للشعر ونحن نرى أن بيع بول الجمل حرام لذا لا نحدد سعر وان أخذنا فهو مقابل تعبنا, والإقبال على شراءه كبير خاصة من البنات الشابات والمتعلمات وهذه الظاهرة بدأت منذ سنة تقريباً
وكذلك الرجال فيقبل بعضهم على شراءه وشربه لما يقال في أن بول الجمل علاج لمرض السكري والسرطان . كما إن للجمل فوائد أخرى يسردها إلينا نبيل فبعض الناس يأتوا إلينا لشراء شعر الجمل ليتبخروا به ويقولون بأنه مفيد جداً لألام الرأس والصداع والمفاصل وآخرون من يعتقدون بروث الجمل وهم بعض المشعوذين.
بول الناقة البكر دواء
الحاجة سيدة رأيناها ونحن نتجول في صنعاء القديمة تعمل في احد المعاصر وسألناها ما إذا كانت تبيع بول الجمل وعن كيفية الإقبال عليه تقول نعم كما ترون فلدينا الكثير من القوارير المعبأة ببول الجمل لكثرة الطلب عليه فمنها ما هو طري من اليوم ومنها ما هو من أمس فهو لا يتغير إذا كانت " القارورة " مكشوفة وتأتي إلينا النساء والبنات لطلبة بكثرة وأبيع الدبة بـ500 ريال كما أقوم ببيع الزيوت الطبيعية لكثير من الناس لأنها مفيدة جداً وتستخدم لأغراض كثيرة
أم اسامه من الحديدة تقول نحن في الحديدة نسمع عن بول الجمل ولكني لم استخدمه إلى ألان ولكن ممكن استخدمه إذا شعرت بان شعري يحتاجه وتضيف كنا نسمع زمان أن بول الناقة البكر يعتبر دواء لكثير من الإمراض أما بول الجمل فهذه ظاهرة جديدة ولكنها منتشرة بشده بين أوساط النساء .
اعجن الحناء ببول الجمل
أخرى تقول اذهب إلى المعصرة لشراء البول باستمرار ولكني انتظره إلى أن يبول لكي اتاكد انه طري لأنه يكون أكثر فائدة وأنا استخدمه باقتناع لأنني ألاحظ الفرق في شعري ولكن ما يزعجني فيه هو رائحته النفاذة خاصة إذا جلس لأيام في القارورة فانا اشتري قارورة صغيره ليومين أو ثلاث أيام فقط.
سعاد صالح متزوجة منذ شهور تقول سمعت عن بول الجمل واستخداماته ولكني في البداية تقززت ولم اصدق ولكن عندما أكدت لي بعض الصديقات عن فوائده قررت أن أجربه وخاصة إنني مقبلة على الزواج فذهبت إلى المعصرة واشتريت القارورة بـ400 ريال وبدأت استخدمه وكنت أتضايق جداً من رائحته وكل من في البيت كانوا يتضايقون ولكني فعلاً شعرت بالفرق في شعري قبل وبعد استخدام هذا الدواء, واستخدمته لأكثر من شهرين وبصورة مستمرة .
أما ذكرى موظفة فتقول استخدم بول الجمل منذ أكثر من شهر واذهب لشرائه كل أسبوع واستخدمه ثلاث مرات في الأسبوع ولكني لا أطيق رائحته فاعجن به الحناء واضعه على راسي لمدة ساعتين أو ثلاث ثم اغسله.
أهم مستلزمات الولادة
الحجة مسعودة 70 عاماً تقول منذ زمن أجدادنا ونحن نذهب إلى المعصرة ونشتري زيت الترتر وزيت الجلجلان وكانت الزيوت في تلك الأيام تستخدم بصوره مستمرة وعند كل الناس لأنه كان العلاج الوحيد يدهن به الجسم عند أمراض البرد والروماتيزم والأمراض الجلدية والمفاصل وكنا نعتقد به لأنه طبيعي وأفضل من العلاجات التي نستخدمها هذه الأيام وكانوا الناس أصحاء أفضل من ألان كما نستخدم هذه الزيوت للشعر وللأطفال المواليد في الشهور الأولى فنقوم بدهنهم منذ أيامهم الأولى بهذا الزيت وهو دافىء وكانت الزيوت في ذلك الوقت من أهم مستلزمات الولادة.
وأخيرا ما أجمل أن تتجول في أسواق صنعاء القديمة وأزقتها الضيقة التي تربط بين أسواقها، لكل سوق دلالاته وقيمته التاريخية لتجد نفسك قد عدت إلى زمن وعصر آخر قرأت عنه فقط في كتب التاريخ, لتجد أسواق صنعاء القديمة المتخصصة التي ذكرت في كتب التاريخ ورغم مرور الزمن وتعاقب الأجيال على هذه الأسواق إلا أن ملامحها العريقة وبساطة الماضي لا تزال تهيمن على جوهرها ومظهرها الجميل..لتجد الكثير والكثير من روعة الحرف اليديوية التي تأخذك في سياحة عبر الزمن راسمة مهارة وأصالة الإنسان اليمني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق