اليمن - صنعاء المدينة المجهولة ل 99 % من الناس................. Old sana'a - yemen unknown city for 99% of people

الخميس، 28 أبريل 2011

كتاب استمتعت كثيراً بقراءته وكأنني كنت أحد مرافقيهم في البعثة المتوجهة إلى اليمن السعيد عام (1761-1767م) في القرن الثامن عشر أي منذ حوالي 246سنة وهو من تأليف توركيل هانسن الدنماركي عام 1962م وترجمه إلى الانجليزية عام 1964م بعنوان العربية السعيدة ومن ثم ترجم إلى العربية عن طريق الأستاذ محمد احمد الرعدي وكما قال الدكتور المقالح في مقدمة الكتاب انه حين ظهور الكتاب باللغة العربية كان بمثابة الكشف عن مخطوط نفيس أو نقش نادر يؤرخ لأول حملة علمية أوربية وصلت إلى اليمن وزارت مصر قبل دخول الحملة الفرنسية الشهيرة بنصف قرن تقريباً .


وبعد سبع سنوات كأنها الدهر انتهت الرحلة الحزينة وعاد آخر فرسانها إلى كوبنهاجن لقد توجهوا جمعياً إلى العربية السعيدة ولكن لم يعد من هؤلاء الرجال الستة إلى الدنمارك إلا واحد فقط .

لقد بدأت الرحلة بهم جميعاً في يناير 1761م وانتهت بعودة نيبور "Carsten Niebuhr" في نوفمبر 1967م .

جاءت البعثة الدنماركة لتثبت أن اليمن ليست كغيرها فقد كانت مصدر البخور والمّر ومصدر كثير من المنتجات التي كان الغرب ما يزال يهتم بها.

وقد كشفت الرحلة أجزاء أخرى عن الخصائص الإنسانية والأخلاقية والحضارية للإنسان اليمني في عصر الرحلة وبالمقارنة بين إنسان اليمن ذي الحس الحضاري بالإنسان في بقية الأقطار التي زارتها البعثة في تلك الفترة نجد أنفسنا أمام ظاهرة تستحق التسجيل والإشارة وان هذه الأرض هي ارض السعادة كما يقال .. ففي إحدى صفحات الكتاب يقول الكاتب: وسار فورسكال في هذه المناطق دون أن يحاول احد تهديده أو تكدير صفوه وقد كتب في رسالة يقول قبل الآن كنت مضطراً أن أواجه الأبحاث النباتية واللصوص في وقت واحد . لقد شعر براحة كبيرة في اليمن حيث علم أن باستطاعته مواصلة أبحاثه النباتية في سلام وأمان مواجهاً اقل العوائق كما لو كانت بلده وفي ما عدا الأمراض والمضايقات الشخصية من داخل أفراد البعثة أنفسهم وكيد بعضهم لبعض فإن بقائهم في اليمن كان فترة ضيافة طويلة..

ويستطرد المؤلف قائلاً : وهاهم الآن بعد أن واجهوا في رحلتهم الصعاب الكثيرة يصلون البلد الذي قصدوه فيستقبلون فيه استقبال الضيوف الذي طال انتظارهم ويرحب بهم كما يرحب بالأصدقاء القدامى العائدين إلى وطنهم .

كانت تلك البعثة هي أول بعثة ترسلها دولة إلى اليمن واهم بعثة ترسلها أوروبا حتى ذلك الوقت ، وتتكون من ستة افراد هم : البرفسور فون هافن متخصص في اللغات والبرفسور فورسكال عالم نبات وفيزيائي والمهندس الملازم نيبور عالم في الرياضيات والفلك والدكتور كرامر طبيب وفيزيائي وبورنفانيد فنان ورسام ونحات.

وما يهمني هنا هو وصولهم إلى تعز فقد أخذوا معهم من المخاء ما يكفي الإنفاق منه سنة كاملة في المناطق المرتفعة وعند غروب الشمس في 9 يونيو 1763م أي منذ حوالي 246 سنة وهذا التاريخ يتوافق مع وجود وعيش جدي السابع والثامن من ذلك القرن .. اتجهوا إلى تعز وقد وصفوا الطريق إليها بأنها كانت طرق حجرية وغير مأمونة ليلاً وفي النهار كانت الممرات الجبلية خطرة للغاية وأمطار وعواصف شديدة وتحولت الطرق إلى انهار مزبدة وأخذت المناظر تتبدل أمام ناظريهم ووجدوا أنفسهم بين تلال خصبة ومناظر بعيدة لمدرجات خضراء مزروعة بالقمح وأصبح في استطاعتهم الهروب من شمس الهجير إلى ظلال أشجار التين (البلس) والتمر الهندي (الحمر) وفي الثالث عشر من شهر يونيو بعد أربعة أيام فقط من مغادرتهم مدينة المخاء وصلوا إلى تعز الواقعة في أكمة .

ورغم أن حاكم تعز في تلك الأيام انزعج حين رآهم بسبب الإشاعات في المخا عنهم (قصة طويلة) قادهم إلى منزل ليقيموا فيه وأرسل إليهم خروفين مع طعامهما وكيسين من الطحين وتقبل منهم هدية كانت عبارة عن لفة من الكتان الهندي.


وقد رفع من معنوياتهم الطقس البارد مقارنة بالمخاء وكانت السماء تمطر عليهم كل يوم مطراً خفيفاً.

في هذه الوقت شكل العمل كل اهتمامهم فبدأ نيبور يجمع المعلومات عن تاريخ المدينة وشكل حكومتها وقام برسم صورة اولية للبنايات داخل أسوارها ومنظرها من جهة الشمال رغم ان الرسم ليس من اختصاصه. وإنما من اختصاص بورنفانيد الذي كان مشغولاً طوال اليوم برسم نباتات فورسكال وقد وصفت المدينة بأنها تقع أسفل جبل صبر الذي يشتهر محلياً بأنه مغطى بجميع الأزهار في العالم ولم يسمح لهم الحاكم رغم محاولاتهم العديدة بالذهاب إلى جبل صبر.. وبدلاً من ذلك ذهب نيبور إلى جبل يسمى جبل سورق.

ولاحظت في هذا الكتاب من حين وصولهم البعثة حتى مغادرتها لم يأتوا على سيرة شجرة القات أو ان اليمنيين كانوا يمضغونها من عدمه ولعل تلك الفترة لم يكن القات ذا أهمية أو انه لم يُعرف في ذلك الزمن.

وقد يكون في تفصيلات مذكراتهم وخصوصاً العالم نيبور وكتبه الذي اخذ يجمع المعلومات عن تاريخ تعز وشكل حكومتها ما يغني في ذلك وأتمنى أن يأخذ هذا الاقتراح في الاعتبار البحث في كتبه وترجمتها من قبل وزارة الثقافة أو السياحة في اليمن والمهتمين وغيرهم بهذا الشأن لتعرف أشياء كثيرة عن تلك الفترة الغائبة عنا.

ولولا مضايقة الحاكم للبعثة وتدخله في شئونهم لكانت حققت أهدافاً كبيرة في معرفة المزيد عن المدينة وللأسف ففي العشر الأوراق الموجودة بالكتاب والتي من المفروض أن تتحدث عن المدينة وأهميتها والزراعة فيها والأسواق ودور العبادة وأخلاق وطباع الناس من العامة الذين قابلوهم واين سكنوا في هذه المدينة وعدد سكانها وغير ذلك من المعلومات القيمة إلا أنها تكلمت عن مشاكلها مع الحاكم ومحاربته للقبائل الثائرة في جبل صبر وطلب الحاكم للرشوة ومرض مرافقيهم –فورسكال-حتى أنها لم تذكر اسم الحاكم في تلك الفترة –وهو ليس الإمام- لأن الإمام كان في صنعاء العاصمة . وتكلموا في هذه الأوراق العشر عن جاسوس حاكم المخاء وغير ذلك.

ونظراً لأنه لم يتم اختراع الكاميرا في ذلك الزمان فقد تم رسم مدينة تعز ومبانيها عن طريق نيبور مع انه لم يكن متخصص في الرسم كما ذكرت سابقاً إلا أنها تعتبر وثيقة هامة جداً عن المدينة في تلك الفترة وكيف كانت تبدو.

وقد لاحظت في هذا الرسم (مفاتيح) أرقام من رقم 1 وحتى رقم 14 تقريباً لبعض المساجد والمعالم والدور ولكنها لم توضح في الكتاب أو في الرسم ماهية تلك المفاتيح .

وأخيراً انصح بقراءة الكتاب لأنه مشوق جداً جداً وثري بالمعلومات القيمّة .



ليست هناك تعليقات:

اراشيف