اليمن - صنعاء المدينة المجهولة ل 99 % من الناس................. Old sana'a - yemen unknown city for 99% of people

الأربعاء، 9 يناير 2013


ثم يعلق على هذه التعاليم قائلاً :
          " عظمة وعلاء ولكنه قضاء قاس على الإنسانية ، وإن التطبيق الكامل لمثل تلك المبادئ ليمكن أن يملأ الأرض بأديرة فيها الرجال من جهة والنساء من جهة أخرى ينتظرون في طهارة وتأمل الزوال النهائى للنوع الإنساني " (19)

3- العبادة المتواصلة : يفرض نظام الحياة الرهبانية على الراهب أن يكون في حالة عبادة مستمرة يميلها عليه الأب ، ولا يستطيع التردد في الطاعة ، بل عليه أن يجهد نفسه ويرهفها ويكلفها ما لا تطيقه من الصلوات والصيام والتراتيل والترانيم وسائر الطقوس ، وإذا سئم من ذلك أو قصر في شئ منه فإن للنظام عقوباته الرادعة …… ولنأخذ نموذجا نموذج لذلك تعاليم القديس " كولمبان " الذي أسس الأديرة في جبال الفوج بفرنسا ، ومن تعاليمه : " يجب أن تصوم كل يوم وتصلى كل يوم وتعمل كل يوم وتقرأ كل يوم ، وعلى الراهب أن يعيش تحت حكم أب واحد " .
          " ويجب أن يأوي إلى الفراش وهو متعب يكاد يغلبه النوم وهو سائر في الطريق " .. ..  " وكانت العقوبات صارمة أكثر ما تكون بالجلد : ستة سياط إذا سعل وهو يبدأ ترنيمة أو نسى أن يدرم أظافره قبل تلاوة القداس ، أو تبسم أثناء الصلاة ، أو قرع القدح بأسنانه أثناء العشاء الربانى " .
          " وكانت اثنا عشر سوطاً عقاب الراهب إذا نسى أن يدعو الله قبل الطعام وخمسون عقاب المتأخر عن الصلاة ، ومائة لمن يشترك في نزاع ومئتان لمن يتحدث من غير احتشام مع امرأة .
          وأقام " كولمبان " نظام الحمد الذى لا ينقطع ، فكانت الأوراد يتلوها بلا انقطاع ليلاً ونهاراً طائفة بعد طائفة من الرهبان " يوجهونها إلى عيسى ومريم والقديسين " (20) 

4- التعذيب الجنوني : لم يقتصر الأمر على ما ذكره بل كما هي طبيعة البدع تجاوز ذلك إلى تصرفت جنونية تشمئز لها الفطر السليمة ، ابتدعها بعض الرهبان ليعبروا عن قوة إيمانهم وعمق إخلاصهم لمبدئهم ، (وروى المؤرخون من ذلك عجائب فحدثوا عن الراهب ماكاريوس  أنه نام ستة أشهر في مستنقع ليقرض جسمه العاري ذباب سام ، وكان يحمل دائما نحو قنطار من حديد وكان صاحبه الراهب يوسيبيس يحمل نحو قنطارين من حديد .. ، وقد أقام ثلاثة أعوام في بئر نزح وقد عبد الراهب يوحنا ثلاث سنين قائما على رجل واحدة ولم ينم ولم يقعد طوال هذه المدة ، فإذا تعب جداً أسند ظهره إلى صخرة . وكان بعض الرهبان لا يكتسون دائما ، وإنما يتسترون بشعرهم الطويل ويمشون على أيديهم وأرجلهم كالأنعام ، وكان أكثرهم يسكنون في مغارات السباع والآبار النازحة والمقابر ويأكل كثير منهم الكلأ والحشيش ، وكانوا يعدون طهارة الجسم منافية لنقاء الروح ويتأثمون من غسل الأعضاء ، وأزهد الناس عندهم وأنقاهم أبعدهم عن الطهارة وأوغلهم في النجاسات والدنس ، يقول الراهب اتهينس أن الراهب أنتونى لم يقترف إثم غسل الرجلين طوال عمره ، وكان الراهب أبرا هام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين عاماً ، وقد قال الراهب الإسكندري بعد زمان متلهفاً : و أسفاه ، لقد كنا في زمن نعد غسل الوجه حراماً ، فإذا بنا الآن ندخل الحمامات " (21)
وهناك " راهب منعزل اخترع درجة جديدة من الورع يربط نفسه بسلسلة إلى صخرة في غار ضيق " (22) وأما القديس كولمبان فـ ( كانت السناجب تجثم على كتفيه فتدخل في قلنسوته وتخرج منها " (23) وهو ساكن .


(19) ص 115 ، ولم يذكر المؤلف اسم كاتب السفر وقد علمت بعد البحث أنه الراهب اوغسطين انظر سلسلة تراث الإنسانية : 2/649.
(20) قصة الحضارة 14 : 365.
(21) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين : 168.
(22) معالم تاريخ الإنسانية : 732.
(23) قصة الحضارة : 14 : 356. 

ليست هناك تعليقات:

اراشيف